مع اقتراب الاستحقاقات التشريعية، يواصل حزب التجمع الوطني للأحرار محاولاته لتحسين صورته السياسية، مستخدمًا وسائل توظيف سياسي لتحقيق أهدافه. في هذا السياق، استغل الحزب قضية عبد الإله الحجوت، المعروف بـ"بائع السمك"، كأداة لتحقيق مكاسب انتخابية، رغم الانتقادات الواسعة التي توجه إليه بسبب مسؤوليته المباشرة عن ارتفاع الأسعار.
وحسب مصادر موقع "بوجدور في الواجهة"، ففي 26 فبراير الماضي، قدم كمال صبري، مالك مراكب الصيد والمستشار البرلماني عن الحزب، ورئيس غرفة الصيد البحري "الأطلسية الشمالية"، جزءًا من شحنة السردين التي يمتلكها، والتي قدرت بـ8 أطنان، لعبد الإله الحجوت. نقلت الشحنة إلى السوق المركزي للأسماك في مراكش عبر شاحنة تبريد مملوكة لشركة النقل "SESA Logistic" التابعة لصبري.
بعد استلام الشحنة، قام عبد الإله الحجوت بنقل السردين إلى محله في دوار "الحراش" بحي "المسيرة 1" بمراكش، حيث قام ببيعها بسعر منخفض للغاية، 50 سنتيمًا للكيلوغرام، أمام حشد من الزبائن وعدد من ممثلي الصحافة الإلكترونية، وأعلن أن نشاطه تم بفضل تدخل "الملك محمد السادس".
وفي اليوم التالي، 27 فبراير، عاد الحجوت إلى السوق المركزي بمراكش، حيث اشترى صناديق إضافية من السردين بأسعار منخفضة، واستمر في بيعها بأسعار مخفضة في محله باستخدام شاحنة تبريد مسجلة باسم حسناء المومني.
وفي الكواليس، تدخلت شخصيات بارزة في الحزب، مثل مصطفى بايتاس، وزير العلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي طلب من محمد يعقوبي التدخل لصالح الحجوت لدى كمال بن خالد، رئيس غرفة التجارة والصناعة لجهة مراكش-آسفي، بهدف توفير ثلاجات لتخزين بضاعته، ما يهدف إلى استثمار القضية سياسيًا.
وأكدت مصادر أن زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، تلقت تعليمات من رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، لدعوة تجار السمك التابعين للحزب لبيع منتجاتهم بأسعار منخفضة خلال شهر رمضان، وذلك لتهدئة غضب المواطنين وتحسين صورة الحكومة. من المتوقع أن يتم ضخ 3000 طن من الأسماك في السوق الوطنية، مما سيسهم في خفض الأسعار.
لكن هذه التدخلات لم تكن دون جدل داخل الحزب. فقد انتقد عزيز أخنوش ومصطفى بايتاس تصرفات كمال صبري، خاصة أنه لم يستشارهما قبل تحركه، ما أدى إلى فقدان السيطرة على العملية.
وفي سياق آخر، كشف كمال صبري عن ضغوط تمارَس عليه من السلطات بعد إغلاق أحد وحداته الإنتاجية في الدار البيضاء بسبب مخالفات صحية. وقد هدد باتخاذ موقف هجومي ضد هذه الإجراءات.
من جهة أخرى، في 26 فبراير، أصدر وزير الداخلية تعليمات لوالي جهة بوجدور بمنع صبري من ممارسة أنشطة الصيد البحري في ميناء المدينة.
وقد أثار الموضوع اهتمام وسائل الإعلام، حيث تم طرح تساؤلات عن دوافع تقديم كمال صبري شحنة السردين لعبد الإله الحجوت، في خطوة انتقامية بعد الإغلاق الإداري لبعض وحداته الإنتاجية، مما يعزز الشكوك حول استغلال القضية لأغراض سياسية واقتصادية في وقت تظل فيه القدرة الشرائية للمواطنين على رأس الأولويات.