بوجدور: المقاولات المحلية قوة غائبة في مشاريع التنمية الكبرى .

0

أيوب لمزوق 


تعيش بوجدور، كبقية الأقاليم الجنوبية، على وقع تحديات اقتصادية واجتماعية تتطلب مقاربة تنموية جديدة ترتكز على إشراك جميع الفاعلين المحليين، خصوصًا المقاولات المحلية وأبناء الإقليم. ورغم أن الحكومة والمجالس المنتخبة تعمل على تنفيذ مشاريع تنموية كبيرة، إلا أن السؤال المطروح هو: هل يمكن الحديث عن تنمية حقيقية دون تكريس مشاركة المقاولات المحلية وأبناء بوجدور في هذا المسار؟


في السنوات الأخيرة، شهدت بوجدور مجموعة من المشاريع الكبرى التي تم الإعلان عنها في مجال البنية التحتية والطاقات المتجددة، ولكن هذه المشاريع غالبًا ما يتم تنفيذها بواسطة شركات خارجية. ورغم أن هذه الشركات قد تجلب معها التكنولوجيات الحديثة والخبرة، فإنها في غالب الأحيان لا تساهم في تعزيز المقاولات المحلية ولا توفر فرص العمل الحقيقية لأبناء الإقليم. وبالتالي، تبقى التنمية في هذه المدينة محدودة الأثر ولا تحقق الفوائد المتوقعة للساكنة.


تستمر الأصوات المطالبة بضرورة إشراك المقاولات المحلية في المشاريع الكبرى، حيث يرى العديد من المهتمين بالشأن المحلي أن المقاولات ببوجدور تملك من الإمكانيات ما يمكنها من لعب دور أساسي في التنمية الاقتصادية للإقليم. هذه المقاولات ليست فقط قادرة على توفير خدمات أساسية مثل البناء والصيانة، بل بإمكانها أيضًا خلق فرص عمل وتنشيط الاقتصاد المحلي إذا توفرت لها الدعم الكافي من خلال الشراكات مع الدولة.


هذا الوضع يعكس خللاً في تدبير التنمية المحلية، حيث تُركت المقاولات المحلية على الهامش رغم قدرتها على المساهمة في العديد من القطاعات الحيوية. من جهة أخرى، يظل التهميش الذي تعاني منه هذه المقاولات من أبرز المعضلات التي تواجهها، رغم توفرها على يد عاملة محلية مدربة وقادرة على إنجاح المشاريع المحلية.


لكن ما الذي يمكن فعله لتغيير هذه الوضعية؟ أولاً، يجب على الدولة العمل على خلق سياسات تحفيزية تشجع المقاولات المحلية على المشاركة في المشاريع الكبرى، وذلك من خلال تسهيل الوصول إلى الصفقات العمومية ومنح القروض بفوائد ميسرة. كما يتعين خلق برامج لتكوين وتأهيل المقاولين المحليين، خاصة في مجالات التكنولوجيا والإدارة الحديثة، لتواكب هذه المقاولات التحديات الجديدة التي تطرأ في السوق.


لا شك أن تحقيق تنمية حقيقية في بوجدور يتطلب دمج المقاولات المحلية في هذه الدينامية التنموية، على أن يكون ذلك في إطار شراكات تكاملية مع الشركات الوطنية والدولية. فالتنمية لا تقوم على المشاريع المعزولة، بل على التفاعل بين مختلف الأطراف المحلية، التي تمثل أساسًا للمشاركة الفعالة في صنع مستقبل الإقليم.


وفي ظل التحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة، من الضروري أن يتم وضع حد لما يسمى بـ"التنمية الاستعمارية" التي تقتصر على الشركات الكبرى ولا تعود بالنفع على الساكنة المحلية. فإذا كانت المشاريع التنموية تُنفذ بمشاركة المقاولات المحلية وأبناء الإقليم، فإن العوائد ستكون أكبر بكثير على المدى الطويل، ليس فقط من حيث زيادة فرص العمل، بل أيضًا من حيث بناء هوية اقتصادية محلية قوية تستفيد منها الأجيال القادمة.


بالتالي، لن يكون هناك حديث عن تنمية حقيقية في بوجدور أو في أي منطقة أخرى، إذا استمرت المشاريع التنموية في إقصاء المقاولات المحلية وأبناء الإقليم من مسارها. فالتنمية الشاملة تبدأ من القاعدة، ولابد من فتح المجال أمام المقاولين المحليين ليكونوا في قلب هذا التغيير، حتى تتحقق التنمية التي تستحقها بوجدور.

التصنيفات:

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !