بكل جرأة وعفوية تحدتث زكية الدريوش أمس الثلاثاء بمجلس المستشارين في أول خرجاتها التفاعلية المباشرة مع أسئلة البرلمانيين، لتؤكد أن السردين هرب ..! وهي عبارة مجازية تشبعت من الواقع الحي لأن مصطلح الهروب عادة ما يرتبط بحالة قاهرة ، وهي التي فسرتها كاتبة الدولة بالظروف المناخية، التي كان لها إنعكاس على درجة حرارة مياه البحر، التي إرتفعت إلى ما فوق 20 درجة ما جعل السردين يهاجر إلى مواطن ساحلية تتسم بدرجة حرارة مناسبة .
وأكدت زكية الدريوش في معرض جوابها على سؤالين حول وضعية المخزون السمكي ببلادنا وضمان استدامة ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﺴﻤﻜﻴﺔ، أن الأسماك السطحية الصغيرة، التي تمثل 80% من الإنتاج الوطني وترتبط بتطوير صناعات الصيد البحري، فهي أكثر تعرضًا لتداعيات التغيرات المناخية والأنشطة البشرية. وعلى وجه الخصوص، سمك السردين الذي يعيش في درجة حرارة 18 درجة مئوية، الذي شهد إنتاجه انخفاضًا نتيجة ارتفاع حرارة المياه إلى ما بين 21 و23 درجة. ومع ذلك، ساهم هذا التراجع في السردين في زيادة وفرة أصناف أخرى مثل الأسقمري، سمك البوق، والأنشوجة. “الحمد لله” تقول كاتبة الدولة، “واخا السردين هرب، الماكرو خدا بلاصتو، نقدروا نقولوا أنه كاين توازن”.
وأوضحت كاتبة الدولة أن الموارد البيولوجية البحرية، تتأثر بالتغيرات البيئية البحرية والمناخية التي قد تتفاقم في المستقبل. إذ أكدت في ذات السياق، أن تدبير هذه الموارد يُعد مسألة استراتيجية تفرض اليوم إعداد مخططات تدبير متجددة تتطور مع الظروف المناخية، مما يتطلب انخراطاً قوياً لجميع الشركاء في هذا التدبير.
وإستعرضت كاتبة الدولة في دات السياق ، المجهودات والإجراءات التي عملت الوزارة على تنزيلها قصد حماية الثروة السمكية وضمان إستدامتها في ظل تداعيات التغيرات البيئية والبحرية والمناخية. والتي همت بالدرجة الأولى تطوير البحث العلمي لضمان رؤية واضحة بخصوص دينامية المخزونات السمكية، وهو توجه يؤكده تطور الميزانية المخصصة لهذا الدعم والتي ارتفعت من 400 مليون درهم، سنة 2009، إلى ما يفوق مليار و600 مليون درهم، سنة 2024، مشيرة إلى أنه تم، في هذا الإطار، اقتناء بواخر حديثة. كما أن الوزارة الوصية واكبت هذه التغيرات الحاصلة بما يضمن الاستدامة. حيث تم وضع 30 مخططاً للتدبير المستدام للمصايد الوطنية، وهي مخططات في تطور مستمر تعتمد على مقاربة مجالية للحد من حركة السفن والصيد المفرط.
كما تم وفق ذات المسؤولة الحكومية، إعتماد سياسة المحميات البحرية للحفاظ على الموارد البحرية والتنوع البيولوجي، وحماية بعض الأصناف السمكية من الانقراض بميزانية قدرها 50 مليون درهم. حيث تم غمر الشعاب الاصطناعية في العديد من المناطق الساحلية، مثل خليج مرتيل وأكادير والناظور، بهدف تعزيز الموائل البحرية. وتعزيز الترسانة القانونية الخاصة بالمراقبة سواء في البر أو في البحر.
وذكرت كاتبة الدولة بالجهود لمبدولية لتعزيز إجراءات المراقبة في البر والبحر، إذ ان جميع بواخر الصيد اليوم مراقبة بالأقمار الاصطناعية (VMS) وملزمة بالتصريح. كما تم العمل على أنظمة ومساطر للمراقبة وتتبع مسار المنتوجات السمكية، وهو مجهود كلف 161 مليون درهم. كما أكدت أهمية الأوراش المفتوحة لتعزيز تنمية تربية الأحياء المائية البحرية، بإعتبارها تساهم في الحد من الضغط الممارس على المصايد الوطنية وبالتالي المساهمة في ضمان استدامتها.
وكانت كاتبة الدولة قد أكدت أن هذه الإجراءات وغيرها تم القيام بها لحماية الثروة السمكية من جهة، ومن جهة أخرى للمحافظة على 261 ألف منصب شغل مباشر التي تم تحقيقها إلى اليوم. مشيرة في ذات السياق أن هذه الإجراءات والتدابير كان لها تأثير كبير في استقرار المداخيل لفائدة البحارة والعاملين في مصانع التثمين، و قد ساهمت في جلب العملة الصعبة لبلادنا، حيث بلغت قيمة صادرات المنتجات البحرية في عام 2023 حوالي 31 مليار درهم، بمعدل زيادة سنوية 7 في المائة خلال الفترة 2010 – 2023.