بوجـدور.. العمل القسري للأطفال : ظاهرة تستدعي التدخل.

0


  بوجــــدور .. العمل القسري للأطفال: ظاهرة تستدعي التدخل


بقلم الصحفي : أيــوب لمزوق 

  تُعد ظاهرة تشغيل الأطفال من القضايا الاجتماعية التي تؤرق العديد من المدن المغربية، ومنها مدينة بوجدور. هذه المدينة، التي تحمل مكانة رمزية في التاريخ الوطني، تشهد تفاقماً في استغلال الأطفال في أنشطة هامشية مثل التسول وبيع المناديل الورقية. ورغم الجهود الوطنية لحماية حقوق الطفل، فإن الواقع يكشف عن تحديات تستدعي التدخل السريع من الجهات المختصة والمجتمع المدني.


التسول وبيع المناديل: طفولة مسلوبة

في شوارع بوجدور، تجد أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات يتجولون بين السيارات في الإشارات الضوئية أو بين المارة في الأسواق، حاملين علب المناديل الورقية أو مكتفين بمد أيديهم طلبًا للصدقة. هذه المظاهر ليست فقط انعكاسًا للأوضاع الاقتصادية الصعبة لبعض الأسر، بل تشير أيضًا إلى إمكانية وجود شبكات منظمة تستغل براءة الأطفال لتحقيق مكاسب مادية.

الأطفال العاملون في هذه الظروف يتعرضون لمخاطر كبيرة، منها الإهمال، سوء المعاملة، والاستغلال من طرف أطراف قد تكون خارج دائرة الأسرة. والنتيجة الحتمية هي ضياع فرصهم في التعليم والتنشئة السليمة، وهو ما يهدد مستقبلهم ومساهمتهم في المجتمع على المدى الطويل.


الرقابة ومكافحة التسول: هل هي كافية؟

رغم وجود قوانين تجرم التسول وتشغيل الأطفال في المغرب، إلا أن تطبيقها يواجه عقبات كبيرة. الجهات الأمنية في بوجدور تقوم بين الحين والآخر بحملات لضبط المتسولين، لكن هذه الجهود لا تبدو كافية لتقويض الظاهرة أو الحد من استغلال الأطفال.

تُثار تساؤلات حول مدى فاعلية التحقيق في هويات المتسولين، خاصة أولئك الذين يصطحبون أطفالاً. هل يتم التأكد من صلة القرابة بينهم؟ وهل يتم متابعة وضعية هؤلاء الأطفال بعد توقيف المتسولين؟ الإجابة عن هذه الأسئلة تبدو ضبابية في ظل استمرار الظاهرة وتزايدها.


حماية قانونية، ولكن على الورق؟ ما العمل؟

يضمن القانون المغربي، لا سيما دستور 2011، حقوق الطفل في الحماية من جميع أشكال الاستغلال. كما أن المغرب صادق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل. ومع ذلك، تظل المعضلة في التطبيق الفعلي لهذه القوانين على أرض الواقع، خاصة في المدن البعيدة عن المركز مثل بوجدور.

ويجب على السلطات المحلية تكثيف حملات التفتيش، ليس فقط لضبط المتسولين، بل للتأكد من وضعية الأطفال المرافقين لهم، مع اتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق المخالفين، حيث لا يمكن حل هذه الظاهرة دون معالجة جذورها. دعم الأسر الفقيرة ببرامج اجتماعية واقتصادية يمكن أن يقلل من لجوئها إلى تشغيل الأطفال أو دفعهم للتسول.

إن ظاهرة تشغيل الأطفال في بوجدور، سواء في التسول أو بيع المناديل الورقية، هي مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع. هذه القضية تتطلب تعاملاً جاداً وسريعاً، لأن كل طفل يتم استغلاله اليوم هو مستقبل ضائع للمجتمع غداً.

 

يبقى السؤال: هل يمكننا كسر دائرة الفقر والاستغلال التي تعصف بهؤلاء الأطفال؟ أم أن الظاهرة ستظل مجرد موضوع نقاش دون حلول حقيقية؟ الإجابة تكمن في أفعالنا، وليس فقط في كلماتنا.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !