أمينة أنجار : مصور الأعراس والسياسة ( رأي )

0

 

بوجدور في الواجهة : أمينة أنجار

 


إذا كان لمواقع التواصل الاجتماعي أثر سلبي لم يتحدث عنه المتتبعون لقطاع التواصل والإعلام، فهو تحويل الكثير من مصوري الأعراس وأعياد الميلاد إلى صحافيين للأنشطة السياسية الرسمية. لقد تحولت الأنشطة السياسية إلى ما يشبه الكرنفالات العفوية التي تغلب عليها المظاهر، حيث يخترقها مصورون هواة يحملون ميكروفونات بأسفنجات ضخمة يطبعون عليها رموزاً توحي لمن لا يعرفهم أنهم إعلاميون في قنوات فضائية عالمية تنافس وكالات الأنباء والقنوات العمومية.

إقليم تيزنيت العزيز على قلوبنا لم يكن استثناءً من هذه الظاهرة، بل ربما تميز ببعض المبالغة، حيث يحضر في اجتماعات المجلس البلدي والإقليمي مصورون توحي هيئتهم بأنهم مصورو الأعراس وأعياد الميلاد ولا علاقة لهم بالإعلام والتواصل. بل إن أحدهم قد يقترب من منتخب ليطلب منه أن يستقيم في جلوسه ويبتسم، حاملاً قلماً ليلتقط له صورة أكثر من مرة. تلك الصور ربما يرسلها لمن يحب مجاناً ولمن لا يحب بمقابل، في انتظار أن ينشرها بالعشرات على مواقع التواصل الاجتماعي بدون تعليق ويسمي كل ذلك تغطية ومتابعة وصحافة.

لقد صار الأمر تقليداً وعادة حتى عند من يعتبر متعهداً أو موظفاً مكلفاً بالتواصل لهذه المجالس. إن من مساوئ أن تكلف شخصاً بمهمة تطفل عليها ولم يكن تكوينه الأصلي في ذلك، ولم يتلقَّ تكويناً مستمراً، أنه يتحول إلى مجرد بهلوان إعلامي يسيء لتلك المجالس قبل أن يسيء لنفسه.

إن التواصل والإعلام اليوم هما من ركائز وأعمدة الحكامة والتدبير العصري للمؤسسات المنتخبة، ومن حق سكان الإقليم والمدينة أن يدركوا ما يحدث في تلك المجالس بعيداً عن إعلام "التبرڭيك" والتقاط صور من كان يلبس ماذا. لقد سبق لأحد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالمدينة أن وصفنا كمنتخبات بـ"النگافات"، ولا أخفيكم أمراً أن قلت لكم إن سبب ذلك هو تلك الصور التي تنشرها صفحة البلدية والتي تظهرنا كشخصيات كرتونية تؤثث مشهداً رجولياً في مشهد سوريالي يلخص أزمة المناصفة بالإقليم.

لا أتحدث عن الأمر دفاعاً عن شخصي أو عن زميلاتي وزملائي المنتخبين، وإنما بدافع الغيرة على مدينتي، حيث أشعر بغيرة شديدة عندما أرى مجالس قروية تتمتع بإعلام وتواصل جدي ومسؤول يحترم السكان والمنتخبين ويمنح الناس فرصة للاطلاع على ما يفعله من انتخبوهم عوضاً عما يلبسون.

تحتاج المجالس المنتخبة بالإقليم لمسؤولين عن التواصل.. شباب خريجي المدارس العليا أو الجامعة، وملمين بالتواصل والإعلام، لأن آلة تصوير وصفحة على الفيسبوك لن تصنع من موظف متقاعس إعلامياً صحافياً محترماً، لأن "الجلباب لا يصنع الفقيه"، كما يقول المثل..

قطاع التواصل والإعلام استراتيجي للمجالس المنتخبة، وهو صلة وصل بين المنتخبين والمواطنين، وليس مصلحة لإعادة تدوير قدماء الموظفين أو لتوظيف مصوري الأعراس والحفلات. لا أحمل حقداً ضد المصورين، لأنهم أولاً وقبل كل شيء أناس يملكون من الموهبة والذوق الكثير، ويقدمون خدمات للمواطنين ويحترمون اختصاصهم ويقومون بعملهم بكل جهد وتفانٍ، على عكس من وجدوا أنفسهم في مجالس أكبر منهم يلتقطون الصور يميناً وشمالاً، وينظرون كأنهم يحكمون تلك الأماكن في منظر أقل ما يقال عنه إنه كوميدي مستفز للمنتخبين والمواطنين.

 


إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !